فصل: البحث الرابع في قوله: {هدى للمتقين}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.البحث الثاني في قوله: {ذلك الكتاب}:

وفيه مسائل: الأولى: إنما صحت الإشارة بذلك إلى ما ليس ببعيد لأنه وقعت الإشارة بذلك إلى {الم} بعد ما سبق التكلم به، والمنقضي في حكم المتباعد ولهذا يحسب الحاسب ثم يقول فذلك كذا، أو لأنه لما وصل من المرسل إلى المرسل إليه وقع في حد البعد كما تقول لصاحبك وقد أعطيته شيئًا: احتفظ بذلك، أو لأنه وإن كان حاضرًا نظرًا إلى ألفاظه لكنه غائب نظرًا إلى أسراره وحقائقه، أو لأنه على مقتضى الوضع اللغوي لا العرفي، أو لأنه إشارة إلى ما نزل بمكة قبل سورة البقرة. وقد يسمى بعض القرآن قرآنًا، أو لأنه إشارة إلى ما وعد به الرسول عند مبعثه {إنا سنلقي عليك قولًا ثقيلًا} [المزمل: 5] أو لأنه إشارة إلى ما أخبر به الأنبياء أن الله سينزله على النبي المبعوث من ولد إسماعيل، أو المراد أن هذا المنزل هو ذلك المثبت في اللوح المحفوظ كقوله: {وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم} [الزخرف: 4]. الثانية: إنما ذكر اسم الإشارة والمشار إليه مؤنث وهو السورة في بعض الوجوه نظرًا إلى صفته وهو الكتاب كقولك هند ذلك الإنسان قال الذبياني:
نبئت نعمي على الهجران عاتبة ** سقيًا ورعيًا لذاك العاتب الزاري

وإن جعلت الكتاب خبرًا فنظرًا إلى أن ذلك في معناه ومسماه فجاز إجراء حكمه عليه في التذكير كما أجري عليه في التأنيث في قولهم: من كان أمك.
الثالثة: للقرآن أسماء كثيرة منها: الكتاب- وقد تقدم- ومنها الفرقان {تبارك الذي نزل الفرقان} [الفرقان: 1] لأنه نزل متفرقًا في نيف وعشرين سنة، أو لأنه يفرق بين الحق والباطل. ومنها التذكرة والذكرى والذكر {وإنه لتذكرة للمتقين} [الحاقة: 48] {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين} [الذاريات: 55] {وإنه لذكر لك ولقومك} [الزخرف: 44] أي ذكر من الله تعالى به ذكر به عباده فعرفهم تكاليفه أو شرف وفخر. ومنها التنزيل {وإنه لتنزيل رب العالمين} [الشعراء: 192] ومنها الحديث {الله نزل أحسن الحديث} [الزمر: 23] شبهه بما يتحدث به فإن الله تعالى خاطب به المكلفين. ومنها الموعظة {قد جاءتكم موعظة من ربكم} [يونس: 57] ومنها الحكم والحكمة والحكيم والمحكم {وكذلك أنزلناه حكمًا عربيًا} [الرعد: 37] {حكمة بالغة} [القمر: 5] {يسَ والقرآن الحكيم} [يس: 1، 2] {كتاب أحكمت أياته} [فصلت: 2] ومنها الشفاء والرحمة {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} [الإسراء: 82] ومنها الهدى والهادي {هدى للمتقين} [البقرة: 2] {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} [الإسراء: 9] ومنها الصراط المستقيم {وأن هذا صراطي مستقيمًا} [الأنعام: 153] ومنها حبل الله {واعتصموا بحبل الله جميعًا} [آل عمران: 103] ومنها الروح {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا} [الشورى: 52] لأنه سبب لحياة الأرواح. ومنها القصص {إن هذا لهو القصص الحق} [آل عمران: 62] ومنها البيان والتبيان والمبين {هذا بيان للناس} [آل عمران: 138] {تبيانًا لكل شيء} [النحل: 89] {تلك آيات الكتاب المبين} [يوسف: 1] ومنها البصائر {هذا بصائر من ربكم} [الأعراف: 203] ومنها الفصل {إنه لقول فصل} [الطارق: 13] ومنها النجوم {فلا أقسم بمواقع النجوم} [الواقعة: 75] لأنه نزل نجمًا نجمًا. ومنها المثاني {مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم} [الزمر: 23] لأنه يثنى فيه القصص والأخبار. ومنها النعمة {وأما بنعمة ربك فحدث} [الضحى: 11] قال ابن عباس: أي القرآن. ومنها البرهان {قد جاءكم برهان من ربكم} [النساء: 174] ومنها البشير والنذير {قرآنًا عربيًا لقوم يعلمون بشيرًا ونذيرًا} [فصلت: 3، 4] ومنها القيم {قيمًا لينذر بأسًا شديدًا} [الكهف: 2] ومنها المهيمن {مصدقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا عليه} [المائدة: 48] ومنها النور {واتبعوا النور الذي أنزل معه} [الأعراف: 157] ومنها الحق {وإنه لحق اليقين} [الحاقة: 51] ومنها العزيز: {وإنه لكتاب عزيز} [فصلت: 41] ومنها الكريم {إنه لقرآن كريم} [الواقعة: 77] ومنها العظيم {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم} [الحجر: 87] ومنها المبارك {كتاب أنزلناه إليك مبارك} [ص: 29] فهذه جملة الأسماء وسيجيء تفاسيرها في مواضعها. الرابعة: في تأليف ذلك الكتاب مع {الم} اسمًا للسورة ففي التأليف وجوه: أن يكون {الم} مبتدأ أو {ذلك} مبتدأ ثانيًا {والكتاب} خبره، والجملة خبر المبتدأ الأول أي هو الكتاب الكامل الذي يستأهل أن يسمى كتابًا كما تقول: هو الرجل أي الكامل في الرجولية وكقوله: هم القوم كل القوم يا أم خالد. وأن يكون الكتاب صفة ومعناه هو ذلك الكتاب الموعود، وأن يكون {الم} خبر مبتدأ محذوف أي هذه {الم} ويكون {ذلك} خبرًا ثانيًا أو بدلًا على أن الكتاب صفة، وأن يكون هذه {الم} جملة، {ذلك الكتاب} جملة أخرى، وفقد العاطف لأن الثانية بيان للأولى. وإن جعلت {الم} بمنزلة الصوت كان {ذلك} مبتدأ خبره {الكتاب} أي ذلك الكتاب المنزل هو الكتاب الكامل، أو {الكتاب} صفة والخبر ما بعده، أو قدر مبتدأ محذوف أي هو يعني المؤلف من هذه الحروف {ذلك الكتاب}. وفي قراءة عبد الله بن مسعود {الم تنزيل الكتاب}.

.البحث الثالث في قوله: {لا ريب فيه}:

الريب مصدر رابني وحقيقته قلق النفس. روى الحسن بن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» فإن الشك ريبة والصدق طمأنينة أي كون الأمر مشكوكًا فيه مما تقلق له النفس، وكونه صحيحًا صادقًا مما تطمئن له.
ومنه ريب الزمان لنوائبه المقلقة، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بظبي حاقف أي معوج مضطجع وهم محرومون فقال: لا يريبه أحد بشيء أي لا يزعجه. والحاصل أن الريب شك وزيادة ظن سوء، فإن قلت: كيف نفي الريب على سبيل الاستغراق، وكم من شقي مرتاب فيه؟ قلت: ما نفي أن أحدًا لا يرتاب فيه وإنما المنفي كونه متعلقًا للريب ومظنة له لأنه من وضوح الدلالة وسطوع البرهان بحيث لا ينبغي لمرتاب أن يقع فيه ومثله {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله} [البقرة: 23] لم يقل: وإذا كنتم مع وقوع الشك منهم في الواقع دلالة على أن الشك فيه مما لا ينبغي أن يوجد إلا على سبيل الفرض والتقدير، ولو فرض فوجه إزالته أن يجردوا أنفسهم ويبرزوا قواهم في البلاغة هل تتم للمعارضة أن تتضاءل دونها. فإن قلت: فهلا قدم الظرف على الريب كما قدم على الغول في قوله تعالى: {لا فيها غَوْل} [الصافات: 47] قلنا: لأن المقصود منها ليس إلا نفي الريب عنه وإثبات أنه حق وصدق، ولو عكس لأفاد ذلك مع ما ليس بمراد ولا هو بصادق في نفس الأمر وهو التعريض بأن ريبًا في غيره من الكتب كما أن في قوله: {لا فيها غول} [الصافات: 47] تعريضًا بأن خمور الدنيا تغتال العقول. وقرأ أبو الشعثاء {لا ريب} فيه بالرفع.
قيل: والفرق بينها وبين المشهورة، أن المشهورة توجب الاستغراق، وهذه تجوزه. ويمكن أن يقال: كلاهما يوجب الاستغراق إلا أن الأول بطريق نفي الماهية، والثاني لأن قوله: {لا ريب} جواب قول القائل هل ريب فيه، وهذا يفيد ثبوت فرد واحد فنقيضه يكون سلب جميع الأفراد.

.البحث الرابع في قوله: {هدى للمتقين}:

وفيه مسائل:
الأولى: في حقيقة الهدى هو مصدر على فعل كالسرى وهو على الأصح عبارة عن الدلالة. وقيل: بشرط كونها موصلة إلى البغية بدليل وقوعه في مقابل الضلالة {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى} [البقرة: 16] ولأنه يقال مهدي في معرض المدح. فلو احتمل أن يقال هدى فلم يهتد لم يكن مدحًا، ولأن مطاوعه اهتدى فيلزمه.
وأجيب بأن مقابل الضلالة الاهتداء لا الهدى. وبأن قولنا مهدي إنما أفاد المدح لأنه من المعلوم أن الوسيلة إذا لم تفض إلى المقصود كانت كالعدم، وبالمنع من أن اهتدى لازم هدى لزومًا كليًا إذ يصح في العرف أن يقال: هديته فلم يهتد، قال عز من قائل: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى} [فصلت: 17] وقال بعضهم: الهدى الاهتداء، فإن زعم مطلقًا فخطأ لوقوع صفة للقرآن، وإن زعم حينًا فصحيح لوقوعه في مقابلة الضلالة.
الثانية: المتقي اسم فاعل من وقاه فاتقى. والوقاية فرط الصيانة، وهذه الدابة تقي من وجئها إذا أصابها طلع من غلظ الأرض ورقة الحافر فهو يقي حافره أن يصيبه أدنى شيء. وهو في الشرع المؤتمر للمأمورات المجتنب عن المحظورات. واختلف في الصغائر أنه إذا لم يتقها فهل يستحق هذا الاسم؟ روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يبلغ العبد درجة المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرًا مما به بأس» فحقيقة التقوى الخشية {يا أيها الناس اتقوا ربكم} [لقمان: 33] وقد يراد بها الإيمان {وألزمهم كلمة التقوى} [الفتح: 26] أي التوحيد. وقد يراد التوبة {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا} [الأعراف: 96] أي تابوا. وقد يراد الطاعة {أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون} [النحل: 2] وقد يراد ترك المعصية {وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله} [البقرة: 189] وقد يراد الإخلاص {فإنها من تقوى القلوب} [الحج: 32] أي من إخلاصها والتقوى مقام شريف {إن الله مع الذين اتقوا} [النحل: 128] {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} [البقرة: 197] {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13] وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله، ومن أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده» وقال علي عليه السلام: التقوى ترك الإصرار على المعصية، وترك الاغترار بالطاعة. وعن إبراهيم بن أدهم: أن لا يجد الخلق في لسانك عيبًا، ولا الملائكة المقربون في أفعالك عيبًا، ولا ملك العرش في سرك عيبًا. الواقدي: أن تزين سرك للحق كما زينت ظهرك للخلق. ويقال: التقوى أن لا يراك مولاك حيث نهاك. ولله در القائل: خل الذنوب صغيرها. وكبيرها فهو التقي.
كن مثل ماش في طريـ ** ـق الشوق يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرة ** إن الجبال من الحصى

وفي قوله: {هدى للمتقين} ثم في موضع آخر {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس} [البقرة: 185] دليل على أن الناس محصورون في المتقين، والباقون {كالأنعام بل هم أضل} [الأعراف: 179].
الثالثة: لم اختص كون القرآن هدى للمتقين، وأيضًا المتقي مهتد فكيف يهتدي ثانيًا؟ والجواب أن المتقين لما كانوا هم المنتفعين بالهداية خصوا بالذكر مدحًا لهم كقوله تعالى: {إنما أنت منذر من يخشاها} [النازعات: 45] {إنما تنذر من اتبع الذكر} [يس: 11] مع أنه صلى الله عليه وسلم منذر كل الناس. وأيضًا قوله: {هدى للمتقين} كقولك للعزيز المكرم أعزك الله وأكرمك تريد طلب الزيادة واستدامة ما هو ثابت فيه. وبوجه آخر سماهم عند مشارفتهم لاكتساء لباس التقوى متقين نحو «من قتل قتيلًا فله سلبه» فهذا مجاز من باب تسمية الشيء بما هو آيل إليه واللطف فيه أنه لو قال هدى للصائرين إلى التقوى بعد الضلال كان إطنابًا في غير موضعه، فإن تصدير السورة التي هي أولى الزهراوين وسنام القرآن وأول المثاني بذكر أولياء الله والمرتضين من عباده هو اللائق بالمقام، فاختص الكلام فإجرائه على الطريقة التي ذكرنا.
فإن قلت: كيف وصفت القرآن بأنه كله هدى وفيه مجمل ومتشابه لا يهتدي فيه إلى المقصود إلا بحكم العقل، فيكون الهدى في ذلك للعقل لا للقرآن؟ ومما يؤكد ما قلنا، ما نقل عن علي عليه السلام أنه قال لابن عباس حين بعثه رسولًا إلى الخوارج: لا تحتج عليهم بالقرآن فإنه خصم ذو وجهين. ولهذا كان فرق الإسلام المحق منهم والمبطل يحتجون به، قلنا: المتشابه لما لم ينفك عما يبين المراد معه على التعيين عقلًا كان أو سمعًا صار كله هدى. فإن قيل: كل ما يتوقف صحة كون القرآن هدى على صحته كمعرفة الله تعالى وصفاته وكمعرفة النبوة، فالقرآن ليس هدى فيه فكيف جعل هدى على الإطلاق؟ قلنا: المراد كونه هدى في تعريف الشرائع والمطلق لا يقتضي العموم، أو كونه هدى في تأكيد ما في العقول أيضًا فيعم.
الرابعة: محل {هدى للمتقين} الرفع لأنه خبر مبتدأ محذوف، أو خبر مع {لا ريب فيه} لذلك أو مبتدأ إذا جعل الظرف المقدم خبرًا عنه، ويجوز أن ينتصب على الحال والعامل فيه معنى الإشارة أو الظرف والذي هو أرسخ عرقًا في البلاغة أنه يقال: {الم} جملة برأسها أو طائفة من حروف المعجم مستقلة بنفسها، و{ذلك الكتاب} جملة ثانية، و{لا ريب فيه} ثالثة، و{هدى للمتقين} رابعة. وفقد العاطف بينها لمجيئها متآخية آخذًا بعضها بحجرة بعض، لأنه نبه أولًا على أنه الكلام المتحدى به، ثم أشير إليه بأنه الكتاب المنعوت بغاية الكمال فكان تقريرًا لجهة التحدي، ثم نفى عنه أن يتشبث به طرف من الريب فكان تسجيلًا بكماله، فلا كمال أكمل مما للحق واليقين، ثم أخبر عنه بأنه هدى للمتقين فقرر بذلك كونه يقينًا لا يحوم الشك حوله، ثم في كل من الجمل نكتة ذات جزالة. ففي الأولى الحذف والرمز إلى الغرض بألطف وجه وأرشقه كما مر في الوجه الثامن، وفي الثانية ما في التعريف من الفخامة أي الكتاب الذي يستأهل أن يقال له الكتاب، وفي الثالثة ما في تقديم الريب على الظرف، وفي الرابعة الحذف ووضع المصدر الذي هو هدى موضع هاد وإيراده منكرًا والإيجاز في ذكر المتقين.

.البحث الخامس في قوله تعالى: {الذين يؤمنون بالغيب} الآية:

وفيه مسائل:
الأولى: {الذين يؤمنون} إما موصول بالمتقين صفة، أو نصب على المدح، أو رفع كذلك بتقدير أعني الذين، أو هم الذين، أو مرفوع بالابتداء مخبر عنه {بأولئك على هدى}.
الثانية: {الذين يؤمنون} على تقدير كونه صفة يكون إما واردًا بيانًا وكشفًا وذلك إذا فسر المتقي بأنه الذي يفعل الحسنات ويجتنب السيئات، لأن الإيمان أساس الحسنات والصلاة أم العبادات البدنية قال صلى الله عليه وسلم: «الصلاة عمادة الدين»، «وبين العبد وبين الكفر ترك الصلاة» والزكاة أفضل العبادات المالية قال صلى الله عليه وسلم: «الزكاة قنطرة الإسلام» فاختصر الكلام اختصارًا بذكر ما هو كالعنوان لسائر الطاعات وكالأصول لبواقي الحسنات ويندرج فيها اجتناب الفواحش والمنكرات لقوله عز من قائل: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} [العنكبوت: 45] وإما مسرودة مع المتقين مفيدة غير فائدتها وذلك إذا فسر المتقي بالمجتنب عن المعاصي فقط. ثم إنه يكون قد وصف بالإيمان وهو فعل القلب وبأداء الصلاة والزكاة وهما من أفعال الجوارح، وهذا ترتيب مناسب لأن لوح القلب يجب تخليته عن النقوش الفاسدة أولًا، ثم تحليته بالعقائد الحقة والأخلاق الحميدة، وإما معدودة عدًا على سبيل المدح والثناء وذلك إذا فرض المتقي موسومًا بهذه السمات، مشهورًا بهذه الصفات، غير محتاج لذلك إلى البيان والإيضاح كصفات الله الجارية عليه تعالى تمجيدًا وتعظيمًا.
الثالثة: الأيمان إفعال من الأمن. يقال: أمنته وآمنته غيري. ثم يقال: أمنه إذا صدقه. وحقيقته أمنه التكذيب. والمخالفة والتعدية بالباء لتضمينه معنى أقر واعتبر ووثق به. قال في التفسير الكبير: اختلف أهل القبلة في مسمى الإيمان على أربعة أقوال:
الأول: قول المعتزلة والخوارج والزيدية وأهل الحديث أنه اسم لأفعال القلوب واللسان والجوارح، لكن المعتزلة قالوا: الإيمان إذا عدي بالباء فمعناه التصديق على تضمين الإقرار أو الوثوق كما مر من حيث اللغة وأما إذا ذكر مطلقًا فمنقول إلى معنى آخر وهو أن يعتقد الحق ويعرب عنه بلسانه ويصدقه بعمله. فمن أخل بالاعتقاد وإن شهد وعمل فهو منافق، ومن أخل بالشهادة فهو كافر، ومن أخل بالعمل فهو فاسق. ثم اختلفوا فبعضهم- كواصل بن عطاء والقاضي عبد الجبار- قالوا: الإيمان عبارة عن فعل كل الطاعات سواء كانت واجبة أو مندوبة، أو من باب الأقوال أو الأفعال أو الاعتقادات. وبعضهم- كأبي علي وأبي هاشم- إنه عبارة عن فعل الواجبات فقط دون النوافل، وبعضهم- كالنظام- إنه عبارة عن اجتناب كل ما جاء فيه الوعيد. ثم يحتمل أن يكون من الكبائر ما لم يرد فيه الوعيد، فالمؤمن عند الله من اجتنب كل الكبائر، والمؤمن عندنا من اجتنب كل ما ورد فيه الوعيد. والخوارج قالوا: الإيمان بالله يتناول المعرفة بالله وبكل ما وضع الله عليه دليلًا عقليًا أو نقليًا من الكتاب والسنة، ويتناول طاعة الله في جميع ما أمر به من الأفعال والتروك صغيرًا كان أو كبيرًا.
فمجموع هذه الأشياء هو الإيمان وترك خصلة من هذه الخصال كفر، وأهل الحديث ذكروا وجهين:
الأول: أن المعرفة إيمان كامل وهو الأصل ثم بعد ذلك كل طاعة إيمان على حدة. وهذه الطاعات لا يكون شيء منها إيمانًا إلا إذا كانت مرتبة على الأصل الذي هو المعرفة. وزعموا أن الجحود وإنكار القلب كفر، ثم كل معصية بعده كفر على حدة، ولم يجعلوا شيئًا من الطاعات إيمانًا ما لم توجد المعرفة والإقرار، ولا شيئًا من المعاصي كفرًا ما لم يوجد الجحود والإنكار.
الثاني: أن الإيمان اسم للطاعات كلها فريضة أو نافلة إلا أنه إذا ترك فريضة انتقض إيمانه، وإن ترك نافلة لم ينتقض. ومنهم من قال: الإيمان اسم للفرائض دون النوافل. القول الثاني: قول من قال الإيمان بالقلب واللسان معًا. ثم اختلفوا على مذاهب: الأول: أن الإيمان إقرار باللسان ومعرفة بالجنان وهو مذهب أبي حنيفة وعامة الفقهاء، ثم اختلفوا في موضعين: أحدهما في حقيقة هذه المعرفة، فمنهم من قال: هي الاعتقاد الجازم سواء كان اعتقادًا تقليديًا أو علمًا صادرًا عن الدليل وهم الأكثرون الذين يحكمون بأن المقلد مسلم، ومنهم من فسرها بالعلم الصادر عن الاستدلال. وثانيهما في أن العلم المعتبر في تحقق الإيمان علم بماذا؟ قال بعض المتكلمين: هو العلم بالله وبصفاته على سبيل التمام والكمال، ثم إنه لما كثر اختلاف الخلق في صفات الله تعالى فلا جرم أقدم كل طائفة على تكفير من عداها من الطوائف، والإنصاف أن المعتبر هو العلم بكل ما علم بالضرورة كونه من دين محمد صلى الله عليه وسلم، فعلى هذا العلم بكونه تعالى عالمًا بالعلم أو بذاته أو مرئيًا وغير مرئي لا يكون داخلًا في مسمى الإيمان. والمذهب الثاني: أن الإيمان هو التصديق بالقلب واللسان معًا وهو مذهب أبي الحسن الأشعري وبشر المريسي، والمراد من التصديق الكلام القائم بالنفس. المذهب الثالث: كلام بعض الصوفية الإيمان إقرار باللسان وإخلاص بالقلب. القول الثالث: قول من قال الإيمان عبارة عن عمل القلب فقط، فمن هؤلاء من قال: الإيمان معرفة الله بالقلب حتى إن من عرف الله بقلبه ثم جحد بلسانه ومات قبل أن يقر به فهو مؤمن كامل الإيمان وهو قول جهم بن صفوان، وزعم أن معرفة الكتب والرسل واليوم الآخر غير داخلة في حقيقة الإيمان. وحكى الكعبي عنه أن الإيمان معرفة الله مع معرفة كل ما علم بالضرورة كونه من دين محمد صلى الله عليه وسلم. ومنهم من قال: الإيمان مجرد التصديق بالقلب. القول الرابع. قول من قال الإيمان هو الإقرار باللسان فقط، ثم منهم من قال: شرط كونه إيمانًا حصول المعرفة في القلب. ومنهم من قال: لا حاجة بنا إلى هذا الشرط أيضًا بل المنافق مؤمن الظاهر كافر السريرة يثبت له حكم المؤمنين في الدنيا وحكم الكافرين في الآخرة وهذا قول الكرامية، ثم قال الإمام رحمه الله تعالى عندي أن الإيمان عبارة عن التصديق بكل ما عرف بالضرورة كونه من دين محمد صلى الله عليه وسلم مع الاعتقاد فههنا قيود: الأول أن الإيمان عبارة عن التصديق، وذلك أن الإيمان أكثر الألفاظ دورانًا على ألسنة المسلمين، فلو صار منقولًا إلى غير مسماه الأصلي لتوفرت الدواعي على نقل هذا النقل وتواتر وليس كذلك.
وأيضًا الإيمان المعدّى بالباء على أصله اتفاقًا، فغير المعدى أيضًا يكون كذلك كلما ذكر الله تعالى الإيمان في القرآن أضافه إلى القلب {وقلبه مطمئن بالإيمان} [النحل: 106] {كتب في قلوبهم الإيمان} [المجادلة: 22] {ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} [الحجرات: 14] وأيضًا قرن الإيمان بالعمل الصالح، ولو كان العمل داخلًا في الإيمان لزم التكرار. وأيضًا قرن الإيمان بالمعاصي {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} [الأنعام: 83] {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} [الحجرات: 9] {والذين آمنوا ولم يهاجروا} [الأنفال: 72] ومع عظيم الوعيد في ترك الهجرة. قال ابن عباس في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص} [البقرة: 178] إنما يجب القصاص على القاتل المتعمد، ومع ذلك يدخل في الخطاب. ثم قال: {فمن عفى له من أخيه شيء} [البقرة: 178] وهذه الأخوة ليست إلا أخوة الإيمان {إنما المؤمنون إخوة} [الحجرات: 10] ثم قال: {ذلك تخفيف من ربكم ورحمة} [البقرة: 178] وهذا لا يليق إلا بالمؤمن. القيد الثاني: أن الإيمان ليس عبارة عن تصديق اللسان لقوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين} [البقرة: 108]. القيد الثالث: ليس عبارة عن مطلق التصديق لأن من صدق بالجبت والطاغوت لا يسمى مؤمنًا. القيد الرابع: لا يشترط التصديق بجميع صفات الله تعالى لقوله صلى الله عليه وسلم: «اعتقها فإنها مؤمنة» بعد قوله عليه الصلاة والسلام لها: «أين الله؟» قالت: في السماء.
ويعلم مما ذكرنا أن من عرف الله بالدليل، ولما تم العرفان مات ووجد من الوقت ما أمكنه التلفظ بكلمة الشهادة لكنه لم يتلفظ بها كان مؤمنًا، وكان الامتناع عن النطق جاريًا مجرى المعاصي التي يؤتى بها مع الإيمان، وبهذا حكم الغزالي رضي الله عنه قلت:- وبالله التوفيق-: التحقيق في المقام أن للإيمان وجودًا في الأعيان ووجودًا في الأذهان ووجودًا في العبارة. ولا ريب أن الوجود العيني لكل شيء هو الأصل، وباقي الوجودات فرع وتابع. فالوجود العيني للإيمان هو النور الحاصل للقلب بسبب ارتفاع الحجاب بينه وبين الحق جل ذكره {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور} [البقرة: 257] وهذا النور قابل للقوة والضعف والاشتداد والنقص كسائر الأنوار {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا} [الأنفال: 2] كلما ارتفع حجاب ازداد نورًا فيتقوى الإيمان ويتكامل إلى أن ينبسط نوره فينشرح الصدر ويطلع على حقائق الأشياء وتتجلى له الغيوب وغيوب الغيوب فيعرف كل شيء في موضعه، فيظهر له صدق الأنبياء عليهم السلام ولاسيما محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين في جميع ما أخبروا عنه إجمالًا أو تفصيلًا على حسب نوره، وبمقدار انشراح صدره، وينبعث من قلبه داعية العمل بكل مأمور والاجتناب عن كل محظور، فينضاف إلى نور معرفته أنوار الأخلاق الفاضلة والملكات الحميدة {نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم} [التحريم: 8] {نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء} [النور: 35] وأما الوجود الذهني فبملاحظة المؤمن لهذا النور ومطالعته له ولمواقعه، وأما الوجود اللفظي فخلاصته ما اصطلح عليه الشارع بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا يخفى أن مجرد التلفظ بقولنا لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير النور المذكور لا يفيد إلا كما يفيد للعطشان التلفظ بالماء الزلال دون التروي به، إلا أن التعبير عما في الضمير لما لم يتيسر إلا بواسطة النطق المفصح عن كل خفي والمعرب عن كل مشتبه، كان للتلفظ بكلمة الشهادة ولعدم التلفظ بها مدخل عظيم في الحكم بإيمان المرء وكفره، فصح جعل ذلك وما ينخرط في سلكه من العلامات، كعدم لبس الغيار وشد الزنار دليلًا عليهما، وتفويض أمر الباطن إلى عالم الخفيات المطلع على السرائر والنيات ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله».
الرابعة: يجوز أن يكون بالغيب صلة للإيمان أي يعترفون أو يثقون به، وعلى هذا يكون الغيب بمعنى الغائب ما تسمية بالمصدر كما سمى الشاهد بالشهادة قال الله تعالى: {عالم الغيب والشهادة} [الرعد: 9؛ المؤمنون: 92؛ التغابن: 18] والعرب تسمي المطئمن من الأرض غيبًا، وإما أن يكون مخفف فيعل والمراد به الخفي الذي لا ينفذ فيه ابتداء إلا علم اللطيف الخبير، وإنما نعلم منه نحن ما أعلمناه أو نصب لنا دليل عليه، ولهذا لا يجوز أن يطلق فيقال: فلان يعلم الغيب، وذلك نحو الصانع وصفاته والنبوات وما يتعلق بها والبعث والنشور والحساب والوعد والوعيد وغير ذلك. ويجوز أن يكون بالغيب حالًا، والغيب بمعنى الغيبة والخفاء أي يؤمنون غائبين عن المؤمن به وحقيقته متلبسين بالغيب نحو {الذين يخشون ربهم بالغيب} [الأنبياء: 49] {ليعلم أني لم أخنه بالغيب} [يوسف: 52] وفيه تعريض بالمنافقين حيث إن باطنهم يخالف ظاهرهم وغيبتهم تباين حضورهم {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم} [البقرة: 14] وقال بعض الشيعة: المراد بالغيب المهدي المنتظر الذي وعد الله في القرآن.
وورد في الخبر {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض} [النور: 55] «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من أمتي يواطئ اسمه اسمي وكنيته كنيتي يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا» الخامسة: معنى إقامة الصلاة أحد ثلاثة اشياء: إما تعديل أركانها وحفظها من أن يقع زيغ في فرائضها وسننها وآدابها من أقام العود إذا قومه، وإما الدوام عليها والمحافظة {والذين هم على صلاتهم دائمون والذين هم على صلاتهم يحافظون} [المعارج: 23، 24] من قامت السوق إذا نفقت وأقامها. قال الأسدي: أقامت غزالة سوق الضراب. لأهل العراقين حولًا قميطًا. غزالة اسم امرأة شبيب الخارجي، قتله الحجاج فحاربته سنة تامة. والضراب القتال، والعراقان الكوفة والبصرة، وقميطًا أي كاملًا لأنها إذا حوفظ عليها كانت كالشيء النافق الذي تتوجه إليه الرغبات، وإما التجلد والتشمر لأدائها وأن لا يكون في مؤديها فتور عنها ولا توان من قولهم: قام في الأمر خلاف تقاعد عنه، فعبر عن الأداء بالإقامة لأن القيام بعض أركانها كما عبر عنه بالقنوت، والقنوت القيام- وبالركوع والسجود والتسبيح {يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي} [آل عمران: 43] {فلولا أنه كان من المسبحين} [الصافات: 143] ولا يخفى أن إقامة الصلاة بجميع هذه المعاني تستحق المدح والثناء. السادسة: الصلاة في عرف الشرع عبارة عن إلهيات والأقوال المخصوصة التي مفتتحها التحريم ومختتمها التسليم فرضًا كانت أو نفلًا، إلا أنه يحتمل أن يقال المراد بها في الآية الفرض لأن الفلاح قد نيط بها في قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي أفلح والله إن صدق بعد قول الأعرابي: والله لا أزيد على هذه ولا أنقص أي على الصلوات المفروضة. واشتقاقها لغة إما من الصلاة بمعنى الدعاء قال الأعشى:
وقابلها الريح في دنها ** وصلى على دنها وارتسم

أي وضع عليها الرسم وهو الخاتم وإما من قولهم صليت العصا بالنار إذا لينتها وقومتها قال:
فلا تعجل بأمرك واستدمه ** فما صلي عصاك كمستديم

والمصلي يسعى في تعديل ظاهره وتقويم باطنه كالخشب الذي يعرض على النار. وإما من قولهم صلى الفرس إذا جاء مصليًا أي ملازمًا للسابق، لأن رأسه عند صلاة، والصلا ما عن يمين الذنب وشماله، والمصلي ملازم لفعله من حين شروعه إلى أوان فراغه. والصلاة اسم وضع موضع المصدر يقال: صليت صلاة ولا يقال تصلية. قال في الكشاف: الصلاة فعلة من صلى كالزكاة من زكى. وكتبها بالواو على لفظ المفخم. وحقيقة صلى حرك الصلوين لأن المصلي يفعل ذلك في ركوعه وسجوده، ولا يخفى ما فيه من التعسف. السابعة: الرزق لغة هو ما ينتفع به، فيشمل الحلال والحرام والمأكول وغيره والمملوك وغيره، والمعتزلة ومن يجري مجراهم زادوا قيدًا آخر وهو أن لا يكون ممنوعًا عن الانتفاع به، وعلى هذا لا يكون الحرام عندهم رزقًا.
قال في الكشاف: إسناد الرزق إلى نفسه للإعلام بأنهم ينفقون الحلال المطلق الذي يستأهل أن يضاف إلى الله تعالى ويسمى رزقًا منه.
وأدخل من التبعيضية صيانة لهم وكفًا عن الإسراف والتبذير المنهي عنه، وقدم مفعول الفعل دلالة على كونه أهم كأنه قال: ويخصون بعض المال الحلال بالتصدق به، والحق أن التمكين من الانتفاع بالمرزوق مسند إلى الله تعالى على الإطلاق، إذ كل بقدرته إلا أن مذهب المعتزلة إلى الأدب أقرب، ولاسيما في هذا المقام ليستحقوا المدح بالإنفاق منه. الثامنة: أنفق الشيء وأنفده أخوان، وكل ما فاؤه نون وعينه فاء يدل على معنى الخروج والذهاب، وما يقرب منه ويدخل في هذا الإنفاق الواجب من الزكاة التي هي أخت الصلاة وشقيقتها، ومن الإنفاق على النفس وعلى من تجب نفقته، ومن الإنفاق في الجهاد. ويمكن أن يتناول كل منفق في سبيل الخير للإطلاق قال تعالى: {وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت} [المنافقون: 10] والمراد به الصدقة لقوله: {فأصدّق وأكن من الصالحين} [المنافقون: 10].